سجل الزوار

 اضفنا للمفضلة

اتصلوا بنا

الرئيسية

   
 
 

عظة المطران وليم شوملي

 
 
 

 

حضرة الرئيسة العامة إلام اينيس وأعضاء المجمع الموقر،
الآباء الكهنة والأخوات الراهبات،
أيها المؤمنون،

يملانا فرح كبير في هذا اليوم البهيج من أيام كنيسة القدس. فبينما نحتفل بانتقال السيدة العذراء إلى السماء بالنفس والجسد، تنذر ستة من أخواتنا النذور في رهبانية الوردية. فنحن أمام عيدين والفرح مضاعف.

عيد اليوم هو عيد مريمي بامتياز. وإذا تعمقنا بمعانيه شعرنا بالاندهاش والإعجاب لما صنعه الرب في بنت الناصرة البسيطة. نعم، بلغ الله درجة الإعجاز والكمال في تكوين هذه التحفة التي اسمها مريم والتي وصفها سفر الرؤيا بـ"المرأة الملتحفة بالشمس وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبا". مريم هي أجمل الخلائق وأقدسها وأطهرها على الإطلاق. ونحن مندهشون للكمال الذي بلغته والمكانة التي حصلت عليها في قلب الله وفي قلوب الأجيال التي ما زالت تطوبها.

وللدهشة أمام إعجاز الخالق درجات ومسببات سنستدل عليها من الكتاب المقدس وقراءات اليوم.

المزمور 8 يتكلم عن إعجاب الإنسان بروعة الخلق: "أيها الرب سيدنا ما أعظم اسمك في الأرض كلها!... أرى سمواتك صنع أصابعك والقمر والكواكب التي ثبتها".

وإذا كان الكون مدهشا في إتقانه واتساعه فكم بالحري الإنسان نفسه الذي هو ملك الخليقة. نعم الإنسان مدهش لأنه خلق على صورة الله ومثاله. وبهذا الصدد ترنم صاحب المزامير: "أنت الذي كون كليتي ونسجني في بطن أمي. أحمدك لأنك أعجزت فأدهشت. عجيبة أعمالك" (مزمور 139).

وإذا كان الإنسان نفسه هو روعة من روائع الخلق فكم هو أروع بكثير ابن الإنسان يسوع المسيح! بتعاليمه وحكمته وحنانه وغفرانه ومعجزاته وشفاءاته وإقامته الموتى جذب الجماهير إليه حتى أرادوا أن يقيموه ملكا عليهم. وعبرت امرأة عن صادق شعورها قائلة: "طوبى للبطن الذي حملك وللثديين الذين رضعتهما".

ولننتقل الآن إلى مريم نفسها. أصابها الذهول ونحن معها بسبب عظائم الله في حياتها. وما هي هذه العظائم؟ إنها أربعة نسميها امتيازات: الامتياز المريمي الأول هو قداستها منذ الحبل بها. الثاني هو أمومتها الإلهية. الثالث هو بتوليتها الدائمة. والرابع هو انتقالها المجيد إلى السماء مكافأة لها لقداستها وأمومتها وبتوليتها ومشاركتها في عمل الفداء.

ونحتفل اليوم بعيد الانتقال. مريم بنت الناصرة، مريم الفقيرة والبسيطة تنتقل من عتمة القبر إلى أنوار السماء.
مريم وما أدرانا من هي مريم. هي النموذج، وإذا جاز القول، هي العينة الناجحة التي صنعها الله ليقول لنا: أيها البشر انظروا إلى ما أريده لكم إذا قبلتم مشروع الخلاص. انظروا النعمة التي ستحل عليكم والمجد الذي سيتجلى فيكم إذا عشتم حسب الإنجيل. انتم مدعوون إلى القداسة كل حسب دعوته الخاصة، ومدعوون إلى المجد الذي لم تره عين ولم تسمع به إذن كل حسب الدرجة التي يستحقها.

وننتقل الآن من مريم القديسة والإنسانة الكاملة إلى مريم النموذج. نعم أراد الله من أمه أن تكون تحفة فريدة إلا انه لم يخطط أن تبقى التحفة الوحيدة. يريد تحفا أخرى وعينات أخرى ناجحة. وبالفعل أضحت مريم مثالا احتذت به آلاف الراهبات والمكرسات منذ بداية الكنيسة. والراهبات الست الجدد مدعوات ليكن امتدادا لمريم القديسة، مريم الفقيرة والعفيفة والمطيعة والمحبة والأم الروحية، مريم التي كانت تلميذة لابنها وهي الدليل إليه. وبهذا الصدد، قال البابا بندكتس في عظة الانتقال للعام الماضي: "في رحلتنا في لجة بحر التاريخ، نحتاج إلى "نجمة البحر"، إلى أشخاص يستمدون النور من المسيح "ويقدمونه لنا لهدايتنا أثناء رحلة العبور. ومَن أفضل مِن مريم يستطيع أن يكون "نجمة الرجاء"؟ ونضيف: ومن أفضل من الراهبة التي تواصل رسالة مريم؟.

ومن خلال الرتبة التي ستتم أمام عيوننا، ستعبر اخواتنا الستة عن رغبتهن في اتباع دعوة يسوع. وعند قراءة أسمائهن ستقول كل واحدة: لبيك يا رب انك دعوتني. الدعوة الرهبانية هي تلبية الدعوة إلى القداسة لا بل هي التعمق في الدعوة العمادية التي هي دعوة إلى القداسة. وتأكيدا لنفس النية، ستعبر كل أخت بشكل فردي عن نفس الالتزام: "أنا فلانة... صممت أن أكرس نفسي لله بكل كياني لمجده تعالى في نذر العفة والفقر والطاعة". وستضيف هذه الكلمات الهامة: "بنعمة الروح القدس وبمعونة مريم أمي." نعم ليس الالتزام الرهباني نتيجة الجهد البشري وحده بل ثمرة نعمة الله الفاعلة والمتفاعلة في قلب الإنسان. هي نفس القدرة الإلهية التي جعلت بطرس يحظى بالصيد العجيب وجعلته يمشي على الماء بفضل إيمانه. وبالتالي عندما بدأ ايمانه يتضعضع بدا يغرق. ولكن المسيح تدخل وأنقذه.

وكي تفي المكرسات بالعهد المقدس لا بد من عون يأتي من السماء. لذلك سنرى المتقدمات من النذر الدائم ينمن على الأرض علامة على التواضع وطلبا لشفاعة القديسين والطوباويين وأولهم العذراء وآخرتهم الطوباوية ماري الفونسين. وستتوج الرتبة بمنح الراهبة الناذرة خاتما في اصبع يدها اليمنى، الخاتم الذي يعبر عن ارتباطها الدائم بالمسيح. وقد تنازل وشبه نفسه بعريس الكنيسة. والآن هو بالنسبة لهؤلاء الراهبات الجدد المخدوم الأول والمحبوب الأول: يحببنه فوق كل شيء وهو أحب إليهن من كل شيء.

أيتها الأخوات غادة وفاتن وناريمان وفاديا وريتا وسرين أبارك لكم باسم الكنيسة وأشكركم على الاستجابة لنداء الرب في رهبانية الوردية. وصلاتنا لكم كي تبقين أمينات حتى الممات لدعوة الرب. الله أمين ولا يتراجع عن وعوده وعهوده. لا تخافوا فنعمته ستساندكم دائما أبدا. لا تخافوا ما دامت الصلاة اليومية والتأمل في الإنجيل والمناولة اليومية هي غذاؤكم وسندكم. أثمروا ثمار القداسة وساعدن بمثالكن إخوتكم البشر كي يتعرفوا على المسيح ويتبعوه.

أهنئ باسم غبطة البطريرك وباسم الكهنة الحاضرين هنا وباسمكم أهنئ رهبنة الوردية سائلا الله مزيدا من النفوس السخية التي تتبع مثال مريم في ارض الفداء. نهنئ ذويكن ونشكرهم لأنهم قدموا بناتهم لله بسخاء كبير. ونهنئ أنفسنا لأنه بهذا الفوج الجديد من المكرسات فان الرهبنة تزداد قوة ونضارة وكنيسة القدس تزداد إشعاعا وقداسة. آمين.

 

 

 

 

   أفراح سماويّة ... ربيع الورديّة المتجدّد

 

 

 

 

 

     
 

 

 
     
 
  كتاب كاتمة سر العذراء  اضفنا للمفضلة اجعلنا صفحة البداية