Home

 

   

لماذا عائلات مختلفة رهبانية

إن كثرة العائلات الرهبانية تنبع من نعمة الخلق التي وهبها الله للكنيسة.

ولا ينفصل تاريخ هذه العائلات عن تاريخ الكنيسة, فهي تنمو و تزدهر و تنتشر بسبب كثرة الرهبانيات. فالروح القدس هو الذي يعمل فيها. إن العائلة الرهبانية هي مؤسسة تريد أن تتبع المشورات الإنجيلية وأن تلتزم باتّباعها مع سائر المشورات و الفضائل التي أمر بها المسيح.

إن كل رهبانية تتأسس بوحي خاص والهام شخصي لانسان يريد الله أن يستخدمه لإظهار إرادته في العالم.

و يظهر من التاريخ أن تأسيس رهبانية كان دوماً جواباً لحاجةٍ أحسّت بها الكنيسة, في وقت محدّد و معيّن.

هذه الحاجة هي حقيقة تاريخية و واقع اجتماعي.

كردّة فعل لهذه الحاجة كان كل تأسيس للرهبانية.

تؤكد هنا أن كل مؤسس هو صاحب رؤية و هو نبي. هو رجل سمع لنداء الله, فصوّره الله على مثاله, و سلّم إليه أمانة أن يخلق روحاً جديدة في الكنيسة. إنما نلاحظ أن المؤسس لم يكن وحيداً, بل وجد لمعاونته في التأسيس جماعة صغيرة, أرادت مثله تجسيد الإنجيل وآمال الكنيسة لتعود اليها صورة المسيح الأصلية.

و إذا عدنا إلى التاريخ نلاحظ أن القديس بنادكتوس أسس الرهبانية البندكتية بسبب انحطاط المجتمع والكنيسة تحت تأثير البرابرة, والقديس فرنسيس الأسيزي أسس رهبانيته ليفضح غنى الأديار والرهبان و ليعود إلى روح الفقر الإنجيلي ويعظ بالمثل والخدمة, و القديس دومينيك ألحّت عليه بدعة الألبيجوا ليحاربها بالوعظ, و القديس اغناطيوس دي لويولا رغب في مساندة الكنيسة في عملها الإصلاحي لمقاومة الإصلاح البروتستانتي.

إن جمعياتٍ رهبانية تلاشت, وأخرى راوحت مكانها, والبعض منها تجددت. إنما التجديد كان يستوحي دوماً روح المؤسسين, و يعود بالقوانين والرسوم إلى الأصول و الينابيع الأولى.

إنما لا يهمّ كثيراً اكتشاف الوثائق الأولى, و نبش القوانين الأصلية, الذي يهمّ في كل تجديد للجمعية الرهبانية هو اكتشاف روح المؤسس و الروحانية التي سيطرت على التأسيس.

حينئذٍ نسمع نداء الروح الذي نادى المؤسس ولا يزال ينادي أعضاء مؤسسته إلى العمل لخدمة الكنيسة.

تؤكد هنا أن كل من سعى إلى التجديد ورغب في الإصلاح ينبغي أن يكون رجل الروح, و رجلاً حكيماً, و رجلاً قديساً, وإلاّ طغى عليه روح التجديد العالمي الذي لا يمت إلى الله بصلة. وأنزله في هاوية الغواية والتطور العالمي.