Home English اتصلوا بنا سجل الزوار

الدعوة الرهبانية

رهبنة الوردية المقدسة

 

 

 
 

شخصية الأم ماري الفونسين الإنسانية والروحانية

 
 
 

 
 

إنّ دراسة الأب لينو تشينللي لمذكرات الأم ماري الفونسين ركزّت على بعض الخصائص المميزة لروحانيتها ورسالتها. وكذلك النتائج التي خلص إليها الخبراء بعد دراسة جميع الوثائق المتعلقة بها ولمذكراتها والشهادات المقدّمة من قبل من عرفها وعاش معها حول شخصيتها الإنسانية وروحانيتها نوجزها بالميزات التالية:

1- منذ نعومة أظفارها كانت موهوبة وعلى قسط كبير من الفطنة والحذاقة. كانت نوعا ما خجولة بطبيعتها وكتومة، تبدو وديعة ولطيفة، شديدة الحساسية لآلام الآخرين وحاجاتهم المادية، الأدبية والروحية، مسالمة بطبيعتها وبفضيلتها، مقتنعة وراضية بكل شيء، تفضل أن تتألم بصمت ممّا أن تكون سبب قلق وانشغال بال الآخرين بها. تمتلك استقرارا نفسيا كبيرا وتتمتع بالتوازن الإنساني الروحي والعاطفي، ناهيك عن الحس العميق بالمسؤولية في تتميم واجباتها بدقة. فهي بقدر ما كانت متقدة الحماس في نشاطها الرسولي وشديدة الإكرام للبتول، كانت أيضا هادئة الطباع، رصينة، ومتزنة العقل بشهادة كل من عرفها. أما عن تواضعها فحدث عنه ولا حرج، ففي كل المناسبات كانت تتجنب الظهور ولا ترغب إلاّ في العمل الصامت إرضاء لوجه الله لا البشر.

2- كانت دائما منفتحة لتقبّل العمل الإلهي فيها، أعني التجاوب مع الإلهامات الإلهية بعفوية وتلقائية ووداعة وإذعان، روحانيتها كانت في نمو دائم ومتزايد، وبانسجام تام مع النضوج المستمر، في ظل إرشاد وقيادة العذراء مريم البتول، التي في ظهوراتها لم توضح فقط مخطط الله بالنسبة لتأسيس رهبانية الوردية، لكنها فوق كل شيء، أثبتت أنها شهادة وديّة صادقة لغنى الحياة الروحية التي تمتلكها الأخت ماري الفونسين. فهي تعلمت من العذراء مريم قيمة الصمت والخفاء وأهميته، لدرجة أنها استطاعت أن تخفي سرّها بالنسبة لأصل المؤسسة ومصدرها، في حين أن هذا النمو المتنامي كان يتم بنظام وعناية إلهية، ولا أحد يستطيع أن يدرك مدى علوّ روحها وسموها، سوى من يلاحظها ويتابعها بعناية ونباهة.

 لقد كانت على جانب عظيم من التحفظ، فبالرغم من أنها حظيت طوال سنين متوالية بإيحاءات سماوية فريدة، إلاّ أنها لم تُطلع أحدا سوى ثلاثة أشخاص مشهود لهم بالحكمة والكفاءة في الأمور الروحية وهم: البطريرك منصور براكو بأمر من العذراء: "ابدائي واقصدي في بادئ الأمر البطريرك منصور وبلغيه ذلك.  فهو يدبرك لأن إرساليات أبرشيته ستزدهر بالوردية" ( مخطوط أول ص 17) ومرشداها الروحيان الأب أنطون بللوني المعين من البطريرك لمساعدتها والأب يوسف طنوس المختار من العذراء مريم ليساعدها ويساندها. كما أن دورها الطليعي في تأسيس رهبانية الوردية بقي مجهولا طيلة حياتها، حتى إن شقيقتها الأم حنة دانيل التي شغلت منصب الرئاسة العامة إحدى وعشرين سنة ، لم تقف على حقيقة الأمر إلاّ بعد  وفاة الرائية، وبعد قراءتها لمذكراتها، وكان مرشدها  الأب يوسف طنوس قد أمر بتدوينها، فدونتها طائعة ولذا أصبح من الأهمية بمكان – دحضا للأحكام الاعتباطية التي صدرت بحق الأب يوسف طنوس، أو الأم ماري الفونسين أو حتى أصل الرهبانية بسبب جهل الأمور الفائقة الطبيعة التي عاصرت نشأة رهبانية الوردية- أن تخرج هذه الوثائق من خزائنها وتنتشر لتفهم فهما صحيحا. ثم إن جوهرها يهم كنيسة القدس أهمية بالغة.

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن تحفظ الراهبة المطلق رغم ما قوبلت به من احتقار وازدراء وتواضعها العميق من الناحية البشرية خير شاهدين على صحة الرؤى والرسالة السماوية التي بلغت إياها، كما يضمن صحتها النجاح الباهر الذي حققته رهبانية الوردية خلال زمن قصير. فلولا هذه الأخت الفاضلة لما قدر للجمعية أن تشاهد النور.