HOME

 

أحد الشعانين

 
 

مشاهدة القدس من جبل الزّيتون

قالوا: لمّا خَلَقَ اللهُ الجمالَ قَسَّمَهُ لِعَشْرَةِ أَقْسام
أَعْطى الْعالَمَ واحِداً مِنْهُ وَتِسْعَةً لِمدينةِ السّلام

ولمّا خلقَ اللهُ الأَلَمَ قَسَّمِهُ أَيْضاً لِعَشْرَةِ أقسام
أعطى الْعالَمَ حُصّةً والباقي كُلَّهُ لِمدينةِ الآلام

آهِ ما أَجْمَلَ الطَّلَّةَ عليكِ مِنْ جَبَلِ الزّيتون
مـا أَوْفـاها حَقَّـها لا الْكُتّــابُ ولا الْفنَّانون

فَأَنْتِ صُورَةُ السَّماءِ، مَسْكِنِ اللّــهِ تعـالى
فيكِ الأنْبياءُ والْقِدِّيسونَ والْملائِكةُ تَتَباهى

قالوا إِنِ اشتاقتْ عيناكَ يوماً لرُؤْيَةَ الجنّة
فانْظُرْ إلى أورشليمَ فَهْيَ الجَميلَةُ بِلا سُنّة

رَأَيْنـاكِ مِـنْ جبلِ الزّيتونِ يا عَروسَ المُدُن
رَوْعَةٌ أنتِ! أخَذْنَا لَكِ صُوَرْ أَنْتِ جَنَّةُ عَدَن

دورة الشّعانين – جبل الزّيتون

هُنَاكَ تبدأُ للذّكرى دورةُ الشَّعانينِ السَّنويّه
مِنَ البِدايَةِ نَشْتَرِكُ فيها مَعَ القادِمِينَ سَويّه

فِيْ ذاتِ المَوْقِعِ نُعرِّجُ إلـى كَنيسةِ الصُّعود
الَّتي صارتْ فَتْرةً جامِعاً للنّصارى مسدود

انْتِقاماً لِما قامَ بِهِ الصَّليبيّونَ مِنَ الْغَرْبِ قادمين
نَجْدَةَ أَهْلِهِمْ حَوَّلَها الْإِسْلامُ مُدَّةً جَامِعاً للمسلمين

وإلى اليسارِ كنيسةُ أبانا قَبْلَ بِدايَةِ الهُبوط
فيها مِئآتُ لوحاتٍ للصّلاةِ حتّى بالخطوط

عَـنِ اليمـينِ كنـيسةٌ صغـيرةٌ بِقُبَّةٍ سوداء
فيها بكى يسوعُ وتنبَّأَ للقُدْسِ قُرْبَ الفناء

فِيْ بِدايةِ وادي قِدْرونَ هُنَاكَ كنيستان
تاريخُهُمـا عَريـقٌ وَلِلْمَسيحيَّةِ مُهِمَّتان

كَنيسةُ قَبْرِ مريمَ، مَكانِ انْتِظارِ الرُّسلْ
وَكنيسةُ الْجِسْمانيَّةِ أمِّ الكنائِسِ بالأصِل

هُنَاكَ صَلّى يسوعُ ونادى: أَبي اشْفَقْ
عَلى أنْ تَكونَ إرادتُكَ، بالخُطاةِ ارْفَق

آخيراً وَصَلْتَ والرُّسُلَ إلى مَدينَتِكَ المحبوبة
دَخَلْتها لِآخِرِ مَرَّةٍ مَعَ جماهيرٍ أَهْلِيَّةٍ وغريبة

رَكِبْتَ الْحِمارَ طَوْعاً لا عَرَبَةَ القادةِ الظّافِريـن
فَرَشَ لَكَ النّاسُ ثِيابَهُمْ على الطَّريقِ بِكَ مُهلِّلين

رَنَّمُوا هـوشعنا لابْنِ داؤدَ هـوشعنا لِلْملِكِ الآتي
سَارُوا وَراكَ مِنْ جَبَلِ الزّيتونِ رافقوكَ للصّلاةِ

طردُ الباعة من الهيكل

تَرَجَّلْتَ وابْتَدَأْتَ المُشاحناتِ مَـعَ الفرِّيسيّين
أفهَمْتَهُمْ أَنَّ أعْمالَهُمْ تُشْـِبهُ أَعْمالَ الشّياطين

الْهَيْكَلُ هُوَ لِلصَّلاةِ قُلْتَ وَلِلْإسْتغفار
لا لِلْبَـْيعِ والشِّراءِ والتِّجـارةِ للزُّوار

غِيرَةُ بيتِكَ أثارتْ سُخْطَكَ على اليهود
أخَذْتَ المِطْرقةَ وطَرَدْتَهُمْ عليها شُهود

يوم أحد الشعانين، يوم دخول يسوع اورشليم، أهميّة كبرى في حياتنا. إنّه يتطلّب منّا أن نبدي رغبةً شديدة وحماسة كبيرة لملاقاة ملك السموات. قال لنا القديس بولس، رسول البشرى السارّة: "افرحوا، ليُعرَفْ حِلمُكم عند جميعِ الناس. إنّ الربّ قريب. لا تكونوا في همٍّ من أي شَيْءٍ (فيليبي ٤: ٥-٦). فلنضىء مصابيح إيماننا كالعذارى الحكيمات الخمس (متى ٢٥: ١-١٢)، ولنملأها زيت رحمة تجاه الفقراء والبسطاء والمرضى.

هيّا بنا نستقبل المسيح ونحن يقيظين، ولننشد له حاملين بأيدينا أغصان الزيتون وسعف نخيل العدالة والمحبّة. فلنقبّله ساكبين عليه مع مريم "عطر طِيبٍ من النارَدينِ الخالص الغالي الثمن" (يوحنا ١٢: ١-٨)، أي لنضع بين يديه توبتنا الصادقة ليمحو خطابانا وليبارك حياتنا وأعمالنا لنعيش بقداسة.

فلترتفع أصواتنا الجديرة بالجلالة الإلهيّة، ولنردّد مع الشعب المؤمن والمخلص لمعلّمه نشيد القيامة، تلك الصرخة التي كانت تنبعث من الجموع: "هُوشَعنا في الأعالي، مبارك الآتي باسم الربّ، ملك إسرائيل". إنّه لمن الجيّد أن نقول: "الآتي"، إذ إنّه يأتي بدون إنقطاع، ولا يتركنا البتّة. "الربّ قريب من جميع الذين يدعونه، من جميع الذين بالروحِ والحقّ يدعونه" (مزمور ١٤٥: ١٨).

"مبارك الآتي باسم الربّ". يقف ملكنا الوديع والمتواضع والهادئ على باب قلوبِنا. ذاك الذي اعتلى عرش السموات فوق الكاروبيم، وركب هنا على الأرض جحشاً. فلنعدّ ونجهّز منازل أرواحنا، ولننظّفها من خيوط العنكبوت التي هي الخلافات العائلية والأخويّة، ولننفض عنّا غبار النميمة التي لوّثت لساننا. ولنسكب بغزارة ماء الحبّ لنبلسم الجروح التي يسبّبها الحقد والبغض والكبرياء والأنانية في نفوسنا وقلوبنا وقلوبِ ونفوسِ قريبنا. ولننشر على شفاهنا أزهار الرحمة، والبسمة الجميلة، والكلمات الطيّبة. ولنردّد مع أطفال اورشليم تلك الصرخة الرائعة التي كانت تنبعث من قلوب الجموع: "مبارك الآتي باسم الربّ، هُوشَعْنا في الأعالي".