اتصلوا بنا

الرئيسية

 

 
 
 

العائلة أيقونة الرحمة

 

 

في هذه السنة اليوبيليّة التي أرادها قداسة البابا فرنسيس، وقفة ترُدّنا إلى أصالتنا وتذكّرنا برحمة الله الآب الخالق، المحب والكلّي القدرة. أتسائل كيف يمكن للرحمة أن تنمو وتَظهر في منطقتنا هذه التي قد تآكلها الدمار، وعلت أصوات المدافع على صوت الضمير والحق، وطغت لغّة الحرب والرصاص، وانتشر وباء القتل والموت. فكيف لرحمتك ربّي أن تتجلّى وكيف لها أن تظهر؟

إرتأيت في الآونة الأخيرة فيما أقرأ الارشاد الرسولي: “في وظائف العائلة المسيحيّة في عالم اليوم” للبابا القدّيس يوحنّا بولس الثاني، أن أتناول علاقة العائلة بالرحمة. وظهرت أمامي العائلة كأداة لنموّ وظهور وتجلّي رحمة الله الآب في أبناء مجتمعنا المفكّك، الواقف على شفير الهاوية بسبب بعده عن قيم الانجيل ومخالفته قانون الانسان والطبيعة.

وها هي عائلة الناصرة تلمع في الأفق مثالًا في وحدة العائلة وإيمانها وتخطّيها للصعوبات. فهي العائلة المؤمنة والمسيحيّة الأولى. فالمفترض بها أن تكون لنا المثال لكل عائلة مسيحيّة أينما وجدت، لأنّها صورة عن الثالوث، فيصبح رباط المحبّة في عائلاتنا رمزًا للعهد بين الله وشعبه، فترث الوظائف النبويّة والكهنوتيّة والملوكيّة. فهي جماعة تبشّر وتقدّس وتخدم لأنّها في حوار دائم مع الله.

إنّ المسيح تجسّد في عائلة ليخلّص العالم، لما لهذه العائلة من رمز ودور في تحريك المجتمع ونموّه. فهي المدرسة الأولى، والمجتمّع الأوّل. هي المؤسّسة الثابتة لأنّها على صورة الثالوث. هي الكنيسة الصغيرة ومدرسة الإيمان.

فالعائلة التي تحب المسيح وتضعه في المركز الأوّل، يستطيع أفرادها أن يحبّوا بعضهم بعضًا حبًّا حقيقيًّا بنّاءً، يرتفع به الانسان، بواسطة المسيح، إلى ملئ الانسانيّة إلى ملئ الوجود. والذي يحب، يرحم. ومن يلتمس الرحمة ينشرها في حياتة وتصرّفاته وأقواله وشهادته. فتصبح بذلك العائلة أيقونة الرحمة لما تمثّله من إلتزام وثقة ومحبّة.

فيا يسوع، يا رحمة الله الآب للإنسان، أنت الذي ولدت في عائلة فقيرة متواضعة، وأطعت الآب في حياتك حتى الموت، موت الصليب فالقيامة. إحفظ عائلاتنا، شدّدها وقوّها وقت الصّعاب والمحن، لكيما تكون علامة لرحمة أبيك بروحك القدوس. آمين.