اتصلوا بنا

الرئيسية

 

 
 
 

"أَنا الخبزُ الحَيُّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء. مَن يَأكُلْ مِن هذا الخُبز يَحيَ لِلأَبَد"

 

 

إنجيل القدّيس يوحنّا .51-44:6

في ذلكَ الزَّمان: قال يَسوع للجموع: ما مِن أَحَدٍ يَستَطيعُ أَن يُقبِلَ إِليَّ، إِلا إِذا اجتَذَبَه الآبُ الَّذي أرسَلَني. وأَنا أُقيمُهُ في اليَومِ الأَخير.
كُتِبَ في أَسفارِ الأَنبِياء: وسيَكونونَ كُلُّهم تَلامِذَةَ الله. فَكُلُّ مَن سَمِعَ لِلآب وتَعلَّمَ مِنه أَقبَلَ إِليَّ.
وما ذلِكَ أَنَّ أَحَدًا رأَى الآب سِوى الَّذي أَتى مِن لَدُنِ الآب فهو الَّذي رأَى الآب.
الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: مَن آمَنَ فلَهُ الحَياةُ الأَبَدِيَّة.
أَنا خُبزُ الحَياة.
آباؤُكُم أَكَلوا المَنَّ في البَرِّيَّة ثَمَّ ماتوا.
إِنَّ الخُبزَ النَّازِلَ مِنَ السَّماء هوَ الَّذي يأكُلُ مِنه الإِنسانُ ولا يَموت.
في ذلِكَ الزمان: قالَ يسوعُ لِلجموع: «أَنا الخبزُ الحَيُّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء. مَن يَأكُلْ مِن هذا الخُبز يَحيَ لِلأَبَد. والخُبزُ الَّذي سَأُعْطيه أَنا، هوَ جَسَدي أَبذِلُه لِيَحيا العالَم».


 


"أَنا الخبزُ الحَيُّ الَّذي نَزَلَ مِنَ السَّماء. مَن يَأكُلْ مِن هذا الخُبز يَحيَ لِلأَبَد"

إنّ يسوع المحبّ، وقد رأى ما أحوَجنا لعونِه، وجدَ وسيلة رائعة يُظهرُ فيها فيضَ محبّته لنا. ولهذه الغاية، رفعَ باسمه وباسم إخوته هذه الصلاة: "أُرْزُقْنا اليومَ خُبْزَ يَومِنا، وأَعْفِنا مِمَّا علَينا" (مت 6: 11-12)... شعرَ بأنّه يتوجّبُ عليه أن يوقِدَ نارَ المحبّة في أعماقنا واضعًا محبّته لنا نصبَ أعيُننا، وليس ليوم واحدٍ وحسب بل على مدى الأيام. ولأجل ذلك، آثرَ العيشَ في وسَطنا...

لا يسعُني إلاّ أن أعجَبَ بهذا الطلب الوحيد الذي كرّرَ فيه الكلامَ نفسَه. فصلّى بادئ ذي بدء لكي يُعطى لنا هذا الخبز يوميًّا ثمّ أضاف قائلاً: "أعطنا إيّاه اليوم"، كما لو أنّه يقول لأبيه، بما أنّه قد سُلّمَ مرّةً للموت من أجلنا، وبما أنّه من الآن وصاعداً هو خيرٌ لنا، لن يحجبَه عنّا بل يضعه في تصرّفنا كلّ يوم حتى انقضاء العالم... فإن قالَ "خبزنا اليوميّ"، عنى بذلك، حسب رأيي، أنّنا لا نملكُ هذا الخبز على الأرض وحسب بل سنحظى به في السماء أيضًا إذا عرفنا كيف نستفيد من رفقته... فعندما يقول "هذا اليوم" فإنّه يشيرُ، كما يبدو لي، لليوم أي لأجَل العالم لأنّ العالم لا يدومُ حقاً إلاّ ليوم واحد...

في الحقيقة، قالَ الابن للآب الأزليّ: "بما أنّه يومٌ واحد فقط، اسمح لي بأن أقضيَه في حالة الخضوع التام". إنّ الله الآبَ أعطانا إيّاه وأرسله إلى هذا العالم وفق مشيئته وحدها. ولا يريدُ الابن بدوره، ووفقًا لمشيئته الخاصّة، أن يتخلّى عنّا بل أن يسكنَ في وسطنا محققاً مجدَ رفاقه الأعظم ومُحدثاً حالة من الارتباك وسط أعدائه. إنّه لا يرفعُ هذا الطلبَ إلاّ لهذا اليوم؛ لقد أعطانا الآبُ الأزليّ هذا الخبزَ المقدّس لمدى الأيام أي أنّه أعطانا غذاءَ إنسانيّة المخلّص ليكونَ حصنًا لنا والمنَّ الحقيقيّ. وفي هذا السرّ الفائق القداسة، تلقى النفسُ كلّ الأذواق والتعزيات التي تتمنّاها (راجع حك 20:16). وإن لم نرتكب الأخطاء سنشعرُ بالطمأنينة لكوننا لن نموت جوعًا.