اتصلوا بنا

الرئيسية

 

 
 
 

أزيلوا الحجر، إفتحوا الباب، ورافقوا المسيح المنتصر إلى الداخل, إلى عمق أعماقكم

 

 

يذكر الانجيل المقدس شاهدين خارجيّين على حدث قيامة هما الحجر المدحرج عن باب القبر والقبر الفارغ. قوة المسيح القائم من الموت هي التي دحرجت الحجر وفتحت الأبواب وأعلنت حدثَ القيامة وحدثَ الحياة الجديدة. يقول الانجيل أن النسوة ذهبن لزيارة القبر صباحَ الأحد, وكان همّهنّ في الطريق: من يدحرج لنا الحجر?, من يفتح لنا باب القبر?. لكنهنّ وجدن الحجرَ مدحرجًا وبابَ القبر مفتوحًا.

يسوع المسيح القائم يتحدّى الحواجز لأنه لم يعد خاضعًا لقوانين الطبيعة ولا لقوانين الزمان والمكان ولا للحواجز المادية. دحرج بابَ القبر وقام. وإذ كان التلاميذ في دار أُغلِقت أبوابُها خوفًا من اليهود, وقف يسوع بينهم وقال لهم: السلام عليكم. وبعد ثمانية أيام, تكرّر المشهد وكان توما مع الرسل. وعلى شاطئ بحيرة طبريا, ظهر المسيح فجأة على الشاطئ وسأل الرسل: هل معكم شيء يؤكل?. قلنا أن المسيحَ القائمَ يتخطّى جميع الحواجزَ ويفتح الأبواب.? نعم. جميعَ الأبواب? نعم, عدا باب واحد: باب قلب الانسان. فقط قلبُ الإنسان يقف يسوعُ أمامه, حتى يسوع القائم, يقرع وينتظر الجواب. ينتظر من يقول له: تفضّل. ها أنا واقف على الباب أقرعه, يقول الكتاب, فإن سمع أحدٌ صوتي وفتح الباب أدخل وأُقيم عنده.

هنالك صورة تقوية مشهورة عن يسوع الواقف يقرع الباب. يُقال أن الفنّان, عندما انتهى من رسمها, أراها أحدَ أصدقائه وطلب رأيه. أجابه الصّديق أن الصورة جميلة ومعبّرة, لكنه قال للفنان: صورة الباب واضحة, لكن لا توجد يدُ لفتح الباب. فأجاب الفنان: أعلم ذلك, فيد الباب موجودة في الداخل, لأن المسيح يقرع الباب لكنه لا يفتحه. الشخص الذي في الداخل هو الذي يفتح الباب إن أراد, عندئذ يدخل يسوع المسيح.

لم يتغيّر الأمر اليوم. المسيح القائم من الموت قادر على كل شيء, إلاّ على فتح بابَ قلبنا رغمًا عنّا. لا يستطيع لأنه لا يريد أن يدحرج الحجر عن باب قلبنا وأن يقتحم بيتنا. نحن نعلم أن اقتحام البيوت أمر مزعج وقبيح. لا يريد المسيح ذلك لأن الايمانَ به واتباعَه والسيرَ بحسب متطلبات الإنجيل لا يمكن أن يكون الاّ عملاً حرًّا وواعيًا وشخصيًّا. الله لا يبحث عن عبيد ولا يريد عبيدًا. يريد أحرارًا. الإيمان جواب حرّ على عرض حرّ. الإيمان تجاوب حرّ مع نعمة حرّة ومجانية. قال المسيح للشاب الغني: إن اردتَ أن تكون كاملا, فاذهب وبِع مالَك وتصدّق به على الفقراء ثم تعال واتبعني. لكن الشاب الغني: ذهب حزينا لأنه كان ذا مال كثير. عندئذ نظر إليه يسوع بحزن وقال : ما أصعب أن يدخل الغني ملكوت السموات!. لم يقتحم يسوع قلبَه. تركه حزينًا يذهب حزينًا.

أمرٌ واحد مطلوب من المؤمن أمام القبر الفارغ وأمام الحجر المدحرج عن باب القبر. أن يُزيل الحجرَ ويفتح باب قلبه. وبالفعل, كم حجر وحجر يقف عائقًا بين الإنسان ونور القيامة ونعمة القيامة. يجب أن نُزيل الحجارة. أية حجارة? حجارة جميع البشر في كل زمان ومكان: حجارة الحقد بين العائلات وبين الإخوة والأقارب, حجارة الخصومات والحسد والمنازعات بين فلان وفلان في نفس البيت والعائلة نفسها والحمولة نفسها, حجارة الكلام على الناس والشماته والحقد والنميمة ونقل الكلام, حجارة ضعف الإرادة وعدم الالتزام بالحياة المسيحية, حجارة الاهمال والكسل الروحي...

وحالما أزلنا الحجارة نرى نور القيامة يشعّ في قلوبنا من الداخل. عندئذ يجب أن نسمح للنور أن يعمل بحرية في قلوبنا: أن ندَعَه يقلعُ ويزرع ويقنّب ويجرح ويطهّر وينثر فينا عبير النعمة والمحبة والمصالحة والتسامح
لنذكر مرة أخرى أن الباب يُفتح من الداخل, وفقط من الداخل. ولنذكر أننا إن لم نفتح الباب, يبقى هو واقفا في الخارج يقرع.
أيها الإخوة المؤمنون: أزيلوا الحجر, إفتحوا الباب, ورافقوا المسيح المنتصر إلى الداخل, إلى عمق أعماقكم, واهتفوا معه فرحين: المسيح قام من بين الأموات, وداس الموت بالموت, ووهب الحياة للذين في القبور.
وكل عام وأنتم بخير