اتصلوا بنا

الرئيسية

 

 
 

قدّاس الشكر في لبنان على نعمة إعلان تقديس ماري ألفونسين

 

 

 

يوم الأحد 28 حزيران، احتفلت رهبانيّة الورديّة في لبنان بقدّاس شكر على إعلان تقديس مؤسّستها الأم ماري الفونسين، في بازيليك سيّدة لبنان في حريصا.

سبق القدّاس عرض لبعض لقطات من القدّاس الّذي أعلن فيه قداسة البابا فرنسيس الطوباويّة ماري ألفونسين قدّيسة في الكنيسة، في 17 أيار، في كاتدرائيّة مار بطرس في الفاتيكان، إضافة إلى شهادة الشابّ إميل الياس الّذي نجى بشفاعتها وكان شفاؤه الأعجوبة الأساس لرفعها قدّيسة على مذابح الكنيسة، وعدد من الصور للنشاطات الاعداديّة لحدث التقديس التي جرت في لبنان. زيّن الإعلاميّ ماجد بو هدير هذه اللقطات المصوّرة بباقة من التأمّلات والصلوات للمناسبة، هدفت إلى إدخال الحشود المنتظرة في البازيليك في أجواء ملائمة لهذا الحدث المهيب.

ترأس الذبيحة الإلهيّة صاحب النيافة والغبطة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكليّ الطوبى،  بحضور سعادة السفير البابوي المطران غبريال كاتشه، وسيادة المطران بولس دحدح النائب البابوي للّاتين في لبنان، ولفيف من المطارنة والرؤساء العامّين والكهنة والرئيسات العامّات ورهبان وراهبات. وامتلأت بازيليك سيّدة لبنان بحشود المشاركين من فعاليّات سياسيّة وعسكريّة وحزبيّة ومدنيّة، ومن هيئات إداريّة وتعليميّة واستشفائيّة وموظّفين وأهل وأصدقاء وعاملين في مؤسّسات رهبانيّة الورديّة في لبنان.  خدمت القدّاس ترتيلاً جوقة سلطانة الورديّة بقيادة الأخت ماغالي مرعب.
قبل البركة الختاميّة ألقت الأم اينيس اليعقوب الرئيسة العامّة لراهبات الورديّة كلمة شكر للجميع وابتهال إلى أمّنا سلطانة الورديّة وقدّيستنا الجديدة من أجل السّلام في شرقنا العزيز وفي لبنان، ومن اجل أن تفيض النّعم بشفاعة القدّيسة ماري ألفونسين على كلّ محتاج وكلّ من يطلب شفاعتها. وقدّمت لغبطة البطريرك الرّاعي هديّة للمناسبة: شعار رهبانيّة الورديّة يحوي ذخيرة من عظام القدّيسة ماري ألفونسين.

 

 

 

عظة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في قدّاس الشكر

        "تعظّم نفسي الربّ، لأنّه نظر إلى تواضع أمته"

                                                            (لو 1: 46 و48)

1. أنشدت أمُّنا وسيدتُنا مريمُ العذراء الكلّية ُالقداسة نشيدَ التعظيم لله، الذي نظر إليها، وهي الفتاةُ المتواضعة من الناصرة؛ والذي صنع فيها وبواسطتها العظائم. فقدّست اسمه، ومجّدت رحمته، وعظّمت قدرته، وامتدحت حكمته. فأصبح هذا النشيدُنشيدَ الكنيسة، ونشيدَ النفوس التي تتّقي الله. وهو بامتياز نشيدُ القديسة ماري ألفونسين غطاس، مؤسسة راهبات الوردية، التي رفعها قداسةُ البابا فرنسيس على مذابح الكنيسة الجامعة، وأدرج اسمها في سجلّ القدّيسين، في السابع عشر من أيار الماضي في بازيليك القديس بطرس بروما.

2. يسعدنا أن نحتفل معًا ومع جمعيّة راهبات الوردية وأسرة الوردية بهذه الليتورجيّا الإلهية، ليتورجيّا الشكر لله على عنايته، وعلى مشيئته القدّوسة بإظهار قداسة الأمّ ماري ألفونسين، إبنة القدس وفلسطين والأرض المقدّسة وهذا المشرق. إنّنا نهنّئ راهبات الوردية، وفي مقدّمتهنّ الرئيسةَ العامة الأمّ إناس يعقوب ومجلسَها. ونهنّئ مؤسساتهنّ التربويّة والاستشفائيّة والاجتماعيّة المتوزّعة في الأراضي المقدّسة ولبنان ومصر وسوريا والكويت وإمارات الخليج العربي وبخاصّة في أبو ظبي والشارقة. ونهنّئ بطريركيةَ أورشليم للّاتين التي وُلدت الجمعيةُ من رحمِها لعلمنا العربيّ. ونعربُ عن شكرنا والتهنئة للأب Francesco - Maria Ricci طالب دعوى التطويب والتقديس وقادها بنجاح حتّى آخر مسارها.

 3. سطعت القديسة ماري ألفونسين كالنجمفي ظلمات ليلِ الحرب والدمار، والظلم والحقد والبغضوالعنف والإرهاب، التي تنتهك قدسيةَ أرضٍ تجلّى عليها كلُّ سرِّ الله والكنيسة بشخص يسوع المسيح كلمة الله المتأنّس، فادي الإنسان ومخلّص العالم.

وسطع معها نجمٌ آخر من الأرض المقدّسة من جبله (الناصرة) بشخص القدّيسة الراهبة الكرملية مريم يسوع المصلوب بواردي، التي تشبه القديسة ماري ألفونسين في التواضع والتجرّد من الذات والطاعة للرؤساء والصبر في حمل صليبِ التجنّي والاضطهاد.

الاثنتان نجمان سطعا في سنة الحياة المكرسة، وهما في الاساس معاصرتان الواحدة للأخرى:القديسة ماري ألفونسين وُلدت سنة 1843، ومريم يسوع المصلوب في سنة 1846. والاثنتان بدأتا مسيرتهما الرهبانية على طريق التواضع والقداسة في جمعية راهبات القديس يوسف الظهور. الأولى في القدس والثانية في مرسيليا حيث كانت تعمل كخادمة في عائلة بيروتية من آل نجار. الأخت ماري ألفونسين تركت الجمعية بأمر من السيدة العذراء لكي تؤسّس رهبانية الوردية، والأخت مريم يسوع المصلوب غادرتها، بسبب عدم فهم رئيساتها لحالات الانخطاف التي كانت تحدث لها،واكتملت بانطباع جراحات المسيح في جسدها، فدخلت رهبانية الكرمل في Pau بفرنسا. عجيبٌالله في تدبيره، وعجيب في قدّيسيه!

4. هي السماءُ تخاطب الأرض المنهمكة بشؤونها، واضعةً الله وشريعتَه ووصاياه وكلامَه جانبًا، فتتخبّط في النزاعات والعنف والإرهاب، وتستبيحُالحربَ والقتلَ والدمارَ والتهجير. والكلّ خلافًا لإرادة الله ووصاياه. بل الإساءةُ الأكبر لله ارتكابُ كلّ هذه الشرورباسمه وباسم الدين.

منذ بدأت الحربُ في لبنان، وتواصلت في فلسطين والأراضي المقدّسة، ثم اندلعت في هذه الأيام الأخيرة في العراق وليبيا وسوريا واليمن، وتمّ تجاوزُها في مصر والأردن، وأبناءٌ وبناتٌ من أرضنايتمجّدون في السماء، ويُعلَنون قديسين وطوباويّين، ويُرفعون على مذابح الكنيسة الجامعة والكنائس المحلية: من القدّيس شربل إلى القدّيس نعمة الله فالقدّيسة رفقا والقديسة بخيتا من دارفور السودان،والطوباوي الأخ اسطفان والطوباوي أبونا يعقوب. وآخرون ما زالت الكنيسة تنظر وتدقّق في دعاوى تطويبهم أمثال: المكرّم البطريرك إسطفان الدويهي، والأب بشاره أبو مراد المخلصي والأب انطون طربيهالمريمي، فضلًا عن شهداء الإيمان المسيحي الذين سقطوا هنا وهناك وهنالك.

السماء تخاطبنا لكي نصمد في الرجاء ونشهد لمحبة الله، وندعو الجميع إلى التوبة والرجوع عن الخطايا والشرور، وإلى المصالحة مع الله والذات والناس، وبإيقاف الحرب والقتل والدمار، ووضع حدّ للعنف والإرهاب. السماء تخاطبنا لكي نعلن بأعلى صوتنا إنجيلَ المسيح، إنجيلَ الأخوّة والمحبة والسلام، في الأرض التي منها أُعلن للمرّة الأولى وانطلق إلى العالم كلّه.

5. "نظر إلى تواضع أمته"(لو1: 48). تمثّل أمُّنا وسيدتُنا مريمُ العذراء فضيلةَ التواضع على مثال ابنها يسوع، المتواضع بامتياز. هو الذي دعانا إليه لنتعلّمَ منه هذه الفضيلة ونعيشَها، فنجد السعادة الحقيقية: "تعالوا إليّ، أيّها التعبون والثقيلو الأحمال وأنا أريحكم. إحملوا نيري عليكم، وتعلّموا منّي: إنّي وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم" (متى 11: 28-29).

لقد تجلّى تواضعُها "بكلمة نعم" قالتها في ذروةِ الفرح والتسليم المطلق لتصميم الله يوم البشارة بتجسّد ابنه؛ وردّدتها في سنوات طفولته الصعبة وتهديداتها،وفي ظروف حياته العلنيّة وبدءِ رسالته بإعلان ملكوت السماوات؛ وتمسّكت بها على أقدام الصليب ومرارة الآلام والموت؛ وجدّدتها يومَ حلول الروح القدس، يوم العنصرة، وانطلاقة الكنيسة وأمومتها لها.

وهكذا واصلت كلمة "نعم" في أمومتها ليسوع التاريخي على الأرض، وفي أمومتها ليسوع السّرّي الذي هو الكنيسة، في السماء.

6. على خطى هذه الأمِّ السماوية المتواضعة، سلكتالقدّيسة ماري ألفونسين، عبر صلاة الوردية. فكتبت بعد أوّل ظهورٍ للعذراء لها في عيد الغطاس سنة 1875: "حيثُ كنت أتأمّل عظمةَ سموّ فضائل أمّي مريم، كنت أخجل من عدم اقتدائي بفضائلها. فصرت أطلب منها نعمةً فعّالة تجعلني أقتدي بها في الحياة الباقية من عمري، لأنّ التي مضت ما عاد لها رجوع. ومضت بالخطايا عوض الفضائل. وهذه لي حسرةُ قلبٍعظيمة".

هذه هي قصّة القدّيسين في حياتهم على الأرض. فبمقدار قربهم من الله، النورِ البهيّ الساطع، بمقدار ذلك تظهر نقائصُهم وخطاياهم، مهما كانت طفيفة، تحت مجهر نور قداسة الله!

لقد أصبحت الأخت ماري ألفونسين، كليمةَ العذراءوالمسيحِ الربّ في ظهوراتٍ وأحلامٍ متتالية، بفضل ترقّيها الدائم على سلّم الفضائل، ولاسيّما محبّتِها المتفانية في الخدمةِ للجميع، وتواضعِها وصبرِها ونكرانِ ذاتها وتجرّدِها وطاعتِها، أوّلًا في جمعيّة مار يوسف الظهور، ثمّ في جمعية راهبات الوردية سواءً في الدير أم في الرعية أم في المدرسة أم في الميتم حيثما أُرسلت: من القدس إلى يافا الناصرة، فإلى بيتَساحور والسَّلط، ومجدّدًا إلى القدس ومنها إلى نابلس وبيتَ لحم وعين كارم، وأخيرًا إلى القدس حيث وافتها المنيّة سنة 1927، وهي بعمر أربعٍ وثمانين سنة. والكلّكان يجهل قصّة ظهورات العذراء لها، وأنّها هي المؤسِّسة الحقيقيّة لرهبانية الوردية بطلبٍ مباشرٍ من العذراء، بالتعاون مع الأب يوسف طنّوس. هذه الحقيقة كتمتها طيلة حياتها. وقد انكشفت في المخطوطَين اللذين فُتحا بعد مماتها، وكانا مختومَين بالشمع الأحمر. 

7. كانت مسبحةُ الوردية محورَ حياة القديسة ماري ألفونسين، وسرَّها، وأساسَ تأسيس جمعية راهبات الورديّة. فبفضل عذاباتها والتجنّي عليها وصبرِها، سُمّيت "بذبيحة الوردية"، وبفضل سموّها بالفضائل لُقّبت "بزنبقة الوردية". 

مسبحةُ الوردية عزيزةٌ على قلب العذراء التي أوحتها للقديس عبد الأحد، وطلبت، في ظهورات لورد سنة 1854، وفي ظهورات فاتيما Fatima 1917،من الشعب المسيحي، تلاوتَها، من أجل إنهاء الحروب، وارتداد الخطأة إلى التوبة، وإحلال السلام. 

إنّها صلاتُنا نحن في هذه الأيام، من أجل أن تَمَسَّ العذراءُ مريم، سيدةُ لبنان، ضمائرَ الكتل السياسيّة والنيابيّة عندنا في لبنان، لكي يقوموا بمبادرات شجاعة، منبثقة من قلوبٍكبيرة وروحِ التجرّد، ومن إعلاءِ شأن لبنان فوق كلّ اعتبار، ويتوجّهوا جميعُهم إلى البرلمان وينتخبوا رئيسًا للبلاد وفقًا للدستور والأصول الديمقراطيّة. 

وهي صلاتُنا من أجل أن تمسّ السيدة العذراء ضمائرَ أمراء الحرب، والأسرةِ الدوليّة والأسرةِالعربيّة، لرميِ السلاح جانبًا، مع التجرّد من المصالح السياسيّة والاقتصاديّة والاستراتيجيّة، ولإيجادِ حلولٍسلميّة للنزاعات في فلسطين والعراق وسوريا واليمن وليبيا وسواها. 

ونصلّيها من أجل عودة جميع النازحين والمهجّرين إلى بيوتهم وأراضيهم، فينعموا في أوطانهم بجميع حقوقهم، ويمارسوا واجباتهم فيها، بحكم المواطَنة، مع التعويض لهم عن خسائرهم الفادحة. 

8. بإعلان قداسة الأم ماري ألفونسين "حارسة الوردية"، نجدّد إيماننا بقدرة الوردية التي، من خلال تلاوتها، يعمل المسيح الفادي على خلاص العالم، بشفاعة أمّه وأمّنا الكلّيّة القداسة مريم العذراء. فإليها، وهي متمثّلة بالوردية، نصلّي بفم القديس البابا يوحنا بولس الثاني:

"أيتها الوردية التي باركَتها مريم، أيتها السلسلة العذبة التي تصلنا بالله، يا رباط الحبّ الذي يوحّدنا بالملائكة، يا برج الحكمة تجاه هجمات الجحيم، يا ميناء الطمأنينة في الغرق العام، لن نتركك أبداً. سوف تكونين عزاءنا في ساعة النّزاع. لكِ آخرُ قبلة في الحياةالتي تنطفئ. وآخر لفظة على شفاهنايكون اسمُك العذب، يا ملكة الوردية، يا أمنا الأعزّ، يا ملجأ الخطأة، يا مُعزّية الحزانى العظيمة. تباركتِ في كلِّ مكان،اليوم ودائماً، على الأرض وفي السماء".


 

شاهد البوم صور القداس >>>>