اتصلوا بنا

الرئيسية

 

 
 
 

إلى القداسة سِر…

 

 

الدعوة إلى القداسة مُوجّهة للجميع بدون استثناء:”كونوا قديسين، لأنّي أنا الربّ إلهكم قدّوس”(أحبار19\2). القداسة ليست شيئاً بإمكان الإنسان الحصول عليه بفضل قُدراته وذكائه. إنها عطية مجّانية توهب لنا من لدن الله، وهو يفيضها على الجميع دون استثناء ودون حساب بفضل الاتحاد به. هذا ما نتأمل به في الأحد الثاني من زمن التذكارات.


1- باقات أزهار
قبل البدء بالحديث عن القداسة لا بُدَّ من تصويب بعض المفاهيم الخاطئة التي ترسّخت في ذاكرتنا حول القداسة والقديسين. فنحن وبمُجرّد ما نتناول القداسة في حديثنا، يتجه فكرنا إلى القديسين الذين رُفِعوا على المذابح، أنطونيوس، شربل، رفقا،وغيرهم الكثير. وبالنسبة لنا هؤلاء هم القديسون فقط!. ولكن القدّيسين هم كالأزهار، فهل تُزيّن المذابح بكلِّ الأزهار الموجودة في الحقول؟ّ كلا. فهناك من الأزهار التي تُزيّن بها المذابح في الكنائس، وهناك أيضاً من الأزهار مَن تُزهر وتموت في الخفاء بعد أن تكون قد نشرت أريجها بصمت في محيطها. ومن بين هذه الأزهار الكثير من أجدادنا وآبائنا وأُمّهاتنا وأخوتنا وأخواتنا.
في شهر آذار من السنة الفائتة، نقلت وسائل الإعلام خبر أُمّ رمت بنفسها من الطابق الثالث لانقاذ ابنها البالغ من العمر سنة ونصف، من الحريق الذي شبّ في المنزل وكاد يقضي عليهما. هذه الأمّ البالغة من العمر 23 واسمُها كريستينا سايموز، أُصيبت بالشلل ولن تتمكن من السير مًجدداً، ولكنها قالت أنه لا يسعها التفكير بإعطاء معنى لحياتها بطريقة أفضل من إنقاذ حياة صغيرها، فقد مَنَحْتَه الحياة مُجدداً. أليست هذه قداسةً؟!.


2- وجه الكنيسة الأجمل
القداسة هي، من دون شكّ، وجه الكنيسة الأجمل. إنها الميزة الذي يجب أن يتميَّز بها كلّ مسيحي دون استثناء، وكائناً مَن كان، إكليريكياً أو مُكرّساً أو علمانياً، فالربّ دعانا كُلّنا لنكون”قدّيسين بلا عيب في المحبّة”(أف1\4) .وهذه القداسة تتحقّق فينا بفضل الإتحاد بالرب ومن خلال أعمالنا اليومية البسيطة التي نشهد من خلالها للمحبّة المسيحية الصادقة: الولدين في أعمالهما اليومية وتربيتهما، والتاجر في تجارته، والطبيب في رسالته، والمهندس والعامل …


3- ولكنّني ضعيف!!!
ولكنني ضعيف، وعاجز وغير قادرٍ على تحقيق ما حقّقه القديسون، ففي العالم الكثير من التحديات!. هذا صحيح، وهذا ما أدركته بدورها القديسة تريزيا الطفل يسوع فكتبت تقول:”لا بدَّ لي من أن أقبل واقعي كما هو، بكلِّ ما فيه من نواقص. إني أريد أن أذهب إلى السماء، سالكةً طريقاً مستقيمة وقصيرة المدى، طريقاً صغيرة وجديدة. فنحن في عصر الاختراعات، ولم يَعُد ضرورياً أن نتسلَّق الدَرَج درجة درجة.. هناك المِصعَد!..أنا أريد أن أجد مصعداً يرفعني إلى يسوع، فأنا أصغر من أن أتسلَّق سلّم الكمال، وهي سلّم شاقة”.
ولكن، ما هو المِصعَد في نظرها ؟!.. “إنّهما ذراعاك يا إلهي”.
نحن لا نستطيع أن نصير قديسين بقوتنا بل بقوته هو، لأن القداسة ليست منّا بل منه، لِذا فلا يقل أحد أنا ضعيف لا أستطيع!. نعم، أنت وحدك ضعيف، لا تستطيع ولن تستطيع شيئاً، لذا إعمل ما عليك، إستعمل المصعد ودعه يعمل ما عليه فيرفعك إليه. قُم بهذه الخطوة الشجاعة، واسمح له بأن يتّحد بك فتتقوى به وتسلك في طريق الحقّ المؤدية إليه. وعندئذٍ لن تقول أنا لا أستطيع، لأنك ستكون قوياً بقوّة يسوع الحاضر فيك، والذي سيُمَكّنُك من أن تُصبح قديساً لأنّه إلى القداسة دعاك، وهذه هي مشيئته(1تس4\3).


صلاة
يا نبع القداسة، حقق فينا مشيئتك فنكون قديسين بدون عيب في المحبّة. آمين