Home

 

"لا يَسقُطُ (عُصْفُورٌ) واحِدٌ... إِلى الأَرضِ بِغَيرِ عِلمِ أَبيكم... لا تَخافوا، أَنتُم أَثمَنُ مِنَ العَصافيرِ جَميعًا"

 
 

ما إن وصلَ القدّيس فرنسيس بالقربِ من مجموعةٍ كبيرةٍ من الطيور حتّى لاحظَ أنّ تلك الطيور كانت بانتظارِهِ، فألقى عليها السلامَ كالمعتادِ، وتعجّبَ لكونها لم تبادر إلى الطيران كما تفعل عادةً، فقال لها إنّ عليها أن تسمع كلمةَ اللهِ، وتوسّلَ إليها بكلّ تواضعٍ أن تُصغي بانتباه.

من بينِ أمورٍ أخرى، قال القدّيس للطيور: "يا إخوتي الطيور، لديكم سببًا وجيهًا لتشكروا خالقَكُم ولتُحِبّوهُ دائمًا: لقد أعطاكُمُ الريشَ كلباسٍ، وأجنحةً للطيرانِ، وكلّ ما أنتُم بحاجةٍ إليه للعيشِ. من بينِ كلّ مخلوقاتِ اللهِ، أنتم مَن حصلتُم على أفضلِ نعمةٍ. لقد أعطاكُم الهواءَ الشفّافَ كمجالٍ لكم. ليسَ عليكم أن تزرعوا ولا أن تحصدوا؛ وأعطاكم القوتَ والمسكِنَ من دونِ أن يكون لديكم هَمٌّ لذلك". (راجع مت 6: 26) عند سماع هذا القول، كما شهدَ القدّيسُ نفسه ومرافقيه، أعربت الطيورُ، على طريقتِها الخاصّةِ، عن فرحٍ عجيبٍ: فمدّت أعناقَها، ونشرت أجنحَتها، وفتحت مناقيرَها ونظرت بانتباه. وكان هو يروحُ ويجيءُ بينها وثوبُه يحفّ برؤوسِها وأجسادِها. أخيرًا باركَها، راسمًا عليها إشارةَ الصليبِ وسمحَ لها بالطيرانِ. وتابعَ الطريقَ مع مرافقيه، متهلّلاً من الفرحِ، وشاكرًا اللهَ الذي تعرِفُه خلائقه كلّها وتبجِّلُه.

لم يكن فرنسيس بسيطًا في عقلِه، لكن كانت له نعمة البساطةِ، وكان يتّهِمُ نفسَه بالإهمال لأنّه حتّى ذلك الحين لم يكن قد بشَّرَ الطيورَ بعد لأنّ هذه الحيواناتُ استمعَت باحترامٍ إلى كلمةِ الله. ومنذ ذلك اليوم، لم يتوانَ عن حثّ جميعِ الطيورِ، وكلّ الحيواناتِ، والزواحفِ وحتّى المخلوقاتِ الجامدة على شكرِ ومحبّةِ الخالقِ.